الثبات في زمن التغير

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبيه الامين محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه و من اقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد:
لا يشك عاقل أن زماننا زمن الإنفتاح و المتغيرات و مع كثرة التقنيات و الفضائيات و الشبهات أصبح المسلمون و خاصة الشباب من الفئيتين يعيشون اليوم في مفترق طرق و تحت تأثير صدمة حضارية عنيفة و لا شك أنها تسبب كثيرا من المشكلات النفسية و التربوية و الآثار بادية على الكثير منهم الآن فماذا نقول بعد زمان و الله المستعان .
و لو سألنا أنفسنا لماذا هذا التغيير و ما هي أدواته نقول :

1- وسائل الإعلام في مجال البث المتقدم قد أحدث ثورة عند الناس فهناك عدد من الأقمار الصناعية تدور حول الأرض مرسلة إشاراتها اللاسلكية تحمل أخبار العالم و احداثه و مستجداته و محطات تبث بالصوت و الصورة و على احدث إبداع على مدار الساعة تثير شهية الناس كل بحسب ميوله و كذلك المجلات فهناك أكثر من عشرة آلاف مجلة متخصصة بالأزياء و الطبخ و الأثاث المنزلي و تصوير الحياة الإجتماعية و معالجة المشكلات الأسرية و لا شك أنها ستترك آثارا لا يستهان بها في حياة الناس خاصة أنها تنهل من معطيات الحياة الغربية حلوها و مرها و غيرها من وسائل الإعلام المشاهدة.

2- شبكة الإنترنت التي يستخدمها ملايين المسلمين و يتوقع أن يصل عدد المستخدمين إلى المليار في حلول السنوات القليلة و هي وسيلة فعالة و سريعة التأثير بين الناس دون حدود جغرافية أو ثقافية أو حتى ضوابط شرعية أو اجتماعية فأحدثت هذه الشبكة تغييرات ادبية و خلقية و سلوكية و يكفي أن نعلم أن أكثر من 98% مما يكتب عليها باللغات الغربية و بطبيعة الحال أن تسوق الأفكار الغربية حلوها و مرها .

3- الدعاية و الإعلان و هذا أمر غفل عنه كثير من الناس رغم اهميته و ما له من أثر في التغيير في حياتهم فالإعلان عبارة عن وسيلة مؤثرة و مسيطرة على كثير من العقول حتى بات الناس يستهلكون ما لا يحتاجون و ربما يفعلون ما لا يرغبون فهل تصدقون نعم و الله .و كافيا أن نعرف أن ميزانية الإعلانات في العالم بلغت 330 مليار دولار حسب تقدير وكالة أبحاث وسائل الإعلان و هذا رقم في حالة من النمو المستمر. كم تحمل هذه الدعايات و الإعلانات من الأنماط الغربية و الأفكار الهدامة و العادات السيئة.

4- السفر إلى الخارج: كم منا يسافرون فيبهرون ولا يميزون فيعودون و قد تأثروا بأفكار شتى منها المحمود و المزموم و لا يمكن لأحد أن يشك أننا في متغيرات كثيرة و في جميع النواحي الإجتماعية و العلمية و الإقتصادية و السياسية و التربوية و الإعلامية و غيرها .
و يتفق الجميع على ان التغيير للأفضل محمود بل هو مطلوب ما دام منضبطا بالمبادئ و الثوابت إذ لا يصح أن يتقدم العالم من حولنا و نحن جامدون لا نتحرك و لا يمكن أن نعيش بمعزل عن العالم اليوم و لكن المصيبة في التغيير المذموم فهاهو عالمنا الإسلامي تجتاحه تيارات و أفكار و أخلاق و تصورات و مظاهر و أشكال قد تأثر بها كثير من المسلمين و خاصة الشباب و الفتيات و في غفلة من الآباء و الأمهات و كان للجهل في خطورة التشبه و التقليد الأثر البالغ في التأثر في بهرج هذه الحضارة الآثمة و التقدمية الزائفة فبدأت مظاهر التحلل و الإنحلال تظهر في مجتمعاتنا الإسلامية هنا و هناك مما يجعل العاقلين يؤمنون بأن هناك تغير ليس فقط في الأشكال و المظاهر بل في التصورات و الأفكار