حوار في منتصف الليل
( القلب وفي ساعة متأخرة من الليل يرقد في فراشه متعب من التفكير والعقل بحكمته يتابع عن كثب ما يجري هنا وهناك ، دقات القلب تتدافع مسرعة في سباق متواصل مع دقات عقرب الساعة وقد أعلن القلب حالة الاستنفار والطوارئ وقد هجرت عيناه النوم )
( العقل منزعجاً من صوت دقات طبول القلب ، وينزل من غرفته ليطمئن على صديقه القلب ويدق الباب )
القلب الولهان : من بالباب .
العقل( بهدوء ) :أنا العقل ، صديقك المتعب من صوت دقاتك التي تضرب باستمرار في رأسي فتمنعني من النوم .
القلب ( بلهفة ) : تفضل عزيزي ، إنني متعب جداً وبحاجة للسهر معك .
العقل : وهذا ما جعلني أنزل إليك ، لأنني فد تعودت على إزعاجك فجئت أسامرك هذه الليلة لأخفف عنك همومك وأخفف عني إزعاجك لي يصوت طبولك المعلنة للحرب والاستنفار .
القلب ( مستنكرا ) : لا تجعلني أندم على صراحتي معك ، فتمنعني من مواصلة الشكوى إليك .
العقل : هذه هي مشكلتك الأساسية ، إفراط من العاطفة وقليل من الحكمة ، المهم أنني جئت لأساعدك لا أن أشمت فيك ، وأرجو أن تقدّر ذلك لتستمر صداقتنا على خير، دون مناكفات أو مشاكل .
القلب : وأنا أحترمك وأقدّرك وأعترف لك دائما بالجميل ، وأريد حقاً أن تساعدني لأتجاوز محنتي هذه .
العقل ( بذكاء ) : وما هي مشكلتك هذه المرة ، حب جديد !! .
القلب : نعم حب جديد ، ولكنه يكاد يسلب مني صوابي .
العقل : من ومتى وكيف وأين . . . ؟
القلب : لا تتسرع ، لأنني سأروي لك قصتي كلها من أولها لآخرها ، فأنا هذه المرة لن أخفي عنك شيئا بل أريدك أن تعرف كل شيء حتى تقدّر موقفي جيدا وتستطيع بعد ذلك مساعدتي .
( القلب يروي قصته لصديقه العقل ، والعقل يهز رأسه لدى سماعه أحداث القصة )
العقل : لهذه الدرجة أنت تحبها .
القلب : أجل ، بل إنني لا أطيق حياتي بدونها أو حتى دون سماع صوتها .
العقل : لماذا أخفيت عني كل ذلك .
القلب : أعرف أنك ستلومني وتضع أمامي جملة من الأفكار التي من شأنها أن تردعني وتمنعني من أن أحب .
العقل : لهذه الدرجة تسيء الظن بي ، ولماذا إذن تصارحني الأن .
القلب : لأنني بصراحة فقدت الأمل في أن أجد حلاً مقنعاً لمشكلتي هذه .
العقل : حدثني عنها ، ربما تساعدني إجابتك على أن نجد حلاً سهلا لهذه المشكلة .
القلب : أنا أعرفها جميلة ، ورومانسية ، وجريئة ، وطموحة ، و لكنها مع كل ذلك بخيلة وبخيلة جداً .
العقل : أنا سألتك عن أوصافها ، عن شكلها ، عن لون عينيها ، وشعرها ، عن طولها ، عن وزنها ، عن عمرها ، عن جمالها . . .
الفلب : قلت لك أني أحبها ، أحبها وهذا يكفيني . . وما تطلبه مني الآن لم يعد يعنيني . . . إنني أحبها ولا أريد أن أعرف أكثر من ذلك .
العقل : ولكنني أريد أن أعرف ، لأن ذلك إن لم يكن يعنيك فهو يعنيني أنا .
القلب : سأحاول أن أسألها المرة القادمة .
العقل : هذا جيد .
القلب : قل لي فيما تفكّر الآن .
العقل : لا أستطيع أن أحل مشكلتك الآن ،لأنها صعبة ومعقدة ، كل ما أستطيع فعله هو أن . .
القلب ( مقاطعاَ ) : أسرع أرجوك .
العقل : أنا لست متهوّراً مثلك ، يجب أن تعطيني مهلة كافية للخروج من هذه الأزمة .
القلب : هل هذا هروب الآن ، أم أنه تسويف للمشكلة أم ماذا . .
العقل : لقد تعوّدت على الحلول الجاهزة ، وعوّدتني على الانجرار وراءك لأجني ثمار اندفاعك .
القلب : الحياة لا تسوى أي شيء بدون الحب .
العقل : إذن لماذا تبحث عن حلول لمشكلتك طالما أن الحياة ممتعة مع الحب .
القلب : أحياناً تتوه الأمور ، وتقف الحياة بجبروتها في وجه هذا الحب فتقلب حلاوته مرار ، وجنته جحيم .
العقل : فهمتك الآن ، وأتمنى أن أساعدك حقاً في حل مشكلتك .
القلب : وهذا ما أريده منك .
العقل : الوقت يدركنا ، والصبح قد مد خيوطه مقتحماً ظلام الليل ونحن لم ننم بعد .
القلب : أنا لا أفكر في النوم مطلقاً ، وقد تعودت على ذلك .
العقل : ولكنني لا أستطيع التفكير في أي شيء إن لم آخذ قسطاً من الراحة والنوم .
القلب : إذن ستتركني الآن .
العقل : نعم ولكنني سأظل دائم التفكير في مصيبتك علّني أجد لك حلاً يرضيك ، والآن تصبح على خير.
القلب : وأنت من أهل الخير